تشبيه إسرائيل بإسبرطة العظمى.. نتنياهو يواجه عاصفة سياسية وأمنية

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/18 الساعة 19:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/18 الساعة 19:41 بتوقيت غرينتش
هل يجمد نتنياهو اتفاقية تصدير الغاز لمصر؟

لا يتوقف بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال عن استفزاز رأيه العام الداخلي، سواء من خلال استمرار الحرب الدموية في غزة، وتفريطه بالأسرى فيها، أو توتير مزيد من العلاقات الخارجية مع أكثر أصدقائهم قرباً في المنظومة الغربية، وآخرها اعترافه بدخول الدولة لمرحلة العزلة السياسية، وطلبه من الاسرائيليين "الاعتياد على اقتصاد يحمل علامات الانغلاق"، وتشبيهه لدولة الاحتلال بنموذج "أسبرطة العظمى".

وتسبب خطاب نتنياهو بعاصفة سياسية واقتصادية وأمنية بين الإسرائيليين، لأنهم اعتبروه اعترافا متأخرا بنتائج سياسته الكارثية على الدولة، لكنه في الوقت ذاته حمل لهم بشريات سيئة مفادها أن الدولة في طريقها للعسكرة على طريق اليونان القديمة، التي "أدمنت" الحروب العسكرية على حساب الاقتصاد والرفاهية، متجاهلا أن إسبرطة كانت نهايتها هزيمة مدوّية، وباتت ذكرى في كتب المؤرخين.

ردود فعل إسرائيلية غاضبة

يوفال كارني، مراسل الشئون السياسية لصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن تصريحات نتنياهو "الزلزالية" جاءت خلال مؤتمر المحاسبين العامين في القدس المحتلة، واعترف خلالها بأن "إسرائيل تمر بوضع سياسي صعب على خلفية الحرب في غزة، وستحتاج للتكيف مع اقتصاد ذي ملامح اكتفاء ذاتي، ليكون أسبرطة عظمى، وستواجه الدولة بعض العوائق في التجارة العالمية، لأننا في عالم يحدّ من قدرتنا على استيراد قطع غيار الأسلحة، ويهددنا بانتكاسات اقتصادية، هذا يعزِلنا، وعلينا محاربته".

لم ينتظر الاسرائيليون كثيرا للردّ على تصريح نتنياهو، حيث ازدحمت الحلبة السياسية والإعلامية والاقتصادية بسيلٍ من ردود الفعل الغاضبة، وجاءت على النحو التالي:

  • الرئيس الاسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، أكد أنني "عدتُ قبل يومين من رحلة دبلوماسية قصيرة إلى بريطانيا، وهي ساحة تشهد عداءً شديدًا تجاهنا، وأؤكد بشكل قاطع أن إسرائيل لم تشهد مثل هذا العداء من قبل، وبالتأكيد ليس في أكثر المناطق الاستراتيجية تأثيرًا، صحيح أن لدينا حلفاء مقربون، لكن هناك دولًا أخرى لا تُحصى تُعبّر عن تصورات أكرهها، وهي جزء من العالم الغربي الذي ما زلنا نرغب أن نكون جزءًا منه، يجب ألا نحرق الجسور معها، وألا ننتقل إلى شعب يعيش في عزلة، علينا ألا نقبل العزلة التي يسعى أعداؤنا لفرضها علينا"، وفقا لما نقله عنه عيدان بلومهوف مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت.
  • موقع ويللا ذكر أن زعيم المعارضة يائير لابيد وصف تصريح نتنياهو بـ"الجنوني"، لأن "العزلة ليست قرارًا مصيريًا، بل نتاج سياسة خاطئة وفاشلة للحكومة، التي حوّلت إسرائيل إلى دولة من العالم الثالث، وقد أدهشني تشبيه نتنياهو لإسرائيل بـ"إسبرطة"، لأنه ابن مؤرخ، ويعلم أنها دُمّرت، لأنها حوّلت نفسها إلى دولة حرب، وبالتالي فهو يحكم على اسرائيل بأن تكون دولة متخلفة وفاشلة من دول العالم الثالث، لأن كل شيء لديه هاوٍ ومتهاون ومتغطرس، وقيادته منحرفة، ثم يصرخ ويتذمّر قائلاً إن هناك عزلة دولية، مع أنه وحكومته تسببوا بها".

غاي عزرائيل، مراسل قناة آي 24، أورد على لسان لابيد أن "تصريح نتنياهو تسبّب بانهيار سوق الأسهم، لأن نموذج أسبرطة التي عاشت في حالة حرب دائمة سيؤثر على الطبقة الوسطى والعاملة الإسرائيلية، نحن في العام الأكثر حرجًا لمصير إسرائيل منذ عام ١٩٤٨، وإن لم نُغيّر هذه الحكومة المريضة، فإن الدولة تتجه نحو وضع سيء للغاية، وإلا فإن مقولته حول الاكتفاء الذاتي تعني أن نزرع الطماطم في الفناء، ونأكلها، وهذا كل شيء، بدون تكنولوجيا متقدمة، دون إنتاج، بدون اقتصاد".

  • رئيس الحزب الديمقراطي يائير غولان، اعتبر حديث نتنياهو "تأكيدا على رغبته بالحفاظ على منصبه، ولو احتاج ذلك حربا وعزلة أبديتين يفرضهما على الدولة، والتضحية بها، وباقتصادها ومستقبل أبنائها، وارتباطها بالعالم، ويجب أن يكون ردّنا على هذا "الحقير" أننا سنُغيّركم، ونُنقذ إسرائيل". 
  • الوزير السابق وقائد الجيش الأسبق غادي آيزنكوت، رأى أنّ "الشلل الذي أصاب نتنياهو وحكومة السابع من أكتوبر في إدارة حرب غزة يُدخل الدولة في عزلة واسعة عن جميع الدول، لا يُمكن لها أن تتحمّلها، وتُدير نظامًا استبداديًا، وإذا لم يعرف كيف يحلّ الوضع، فليُسلّم زمام الأمور، ويُعيد التفويض للشعب فورًا، لن تكون فرصة أخرى لإصلاح الضرر الذي ألحقه وشركاؤه في عزل إسرائيل عن العالم"، وفقا لما نقلته عنه القناة 12.
  • عضو الكنيست رام بن باراك من حزب يوجد مستقبل، ونائب رئيس الموساد السابق، أكد أننا "في طريقنا إلى كوريا الشمالية، شكرًا لك بيبي".
  • صحيفة إسرائيل اليوم نقلت عن رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، أن "نتنياهو يعرف الحقيقة، واليوم صرخ بها، ومفادها أن حكومته الفوضوية تجرّ الدولة لأن تصبح مُصابةً بالجذام، مع أن الدولة الوحيدة ذات الاكتفاء الذاتي التي أعرفها اليوم هي كوريا الشمالية، وكلامه يعني مطاردة الجنود عندما يهبطون في مطارات الخارج، وانتقال شركات التكنولوجيا الفائقة للولايات المتحدة، وفقدان الدولة كل الميزة التكنولوجية الفريدة التي بنتها على مدار 50 عامًا، وإغلاق قنوات الاستيراد، واستمرار الأسعار في الارتفاع، وتخلي العملاء الدوليين عن الشركات الإسرائيلية، مما سيؤدي لتسريح جماعي للعمال، واستمرار إيرادات الدولة في الانهيار، وبالتالي يكون التعليم والرعاية الاجتماعية والنقل كأي دولة من العالم الثالث.
  • عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب إسرائيل بيتنا، أكد أن "رئيس حكومة السابع من أكتوبر" دمّر المجتمع والاقتصاد، وتصريحه هذا نتيجة مباشرة للمفهوم القائل بأنه إذا لم أكن رئيسًا للوزراء، فإن الدولة ستحترق، مع أنها تستحق قيادة مختلفة".
  • إيهود باراك رئيس الوزراء الأسبق، أكد في تغريدة على منصة إكس أن "نتنياهو انحرف عن مساره ، والتسونامي السياسي الذي تنبّأنا به مُسبقًا يضربنا، ثمرة إخفاقات رجلٍ مُرتبك، مُنحل، ومُهمَل، لقد مُحيت إسبرطة الأصلية، والتبشير بها اليوم يعني نهاية الدولة: اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا".
  • عضو الكنيست الحاخام غلعاد كاريف، قال إن "إسرائيل لم تُنشأ لتكون دولةً إسبارطيةً عظمى، وإن تصريح نتنياهو دليلٌ آخر على الكارثة التي يقودنا إليها، وعلى عجزه العقلي والسياسي والأخلاقي".
  • الجنرال عاموس مالكا، الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، أكد في مقال نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، أن "خطاب أسبرطة يُعزز شعور إسرائيل بالتفكك والعزلة الدولية، وهو من الرموز الدالة على التسونامي الذي يُهدّدها".
  • تخوف إسرائيلي: الدولة في طريقها للهاوية، وإلى غير رجعة
  • الجنرال تامير هايمان، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، اعتبر حديث نتنياهو عن إسبرطة المعزولة كارثة على الأمن القومي، وبصراحة، يصعب تصديق أنه قال هذا، لأنه يعني انهيارا اقتصاديا، ونهاية العلوم المتقدمة، وهجرة أدمغة، وأزمة اجتماعية عميقة، وليست قضاءً مقضياً!
  • فلاديمير بيلياك، عضو لجنة المالية في الكنيست، عن حزب يوجد مستقبل، أكد أن "نتنياهو وحاشيته الفاسدة لا ينوون، ولو للحظة، العيش في "اقتصاد مكتفٍ ذاتياً"، بل سيواصلون السفر للخارج، والعيش على حساب المليارديرات المقربين، والتمتع بثمار الاقتصاد الغربي الحر، ويحصرون واقع إسبرطة المعيشي المنخفض، واقتصاد العالم الثالث على المجتمع الإسرائيلي،.
  • آنا بارسكي المراسلة السياسية لصحيفة معاريف، نقلت عن عضو الكنيست فلاديمير بيلياك من حزب يوجد مستقبل، أن "نتنياهو وحاشيته الفاسدة لا يعتزمون العيش في اقتصاد مكتفٍ ذاتيًا، بل سيواصلون التحليق والاستمتاع بثمار الاقتصاد الحر، ويُهيئون واقع اقتصاد إسبارطة من الطراز العالمي الثالث للعمال فقط، هذا تصريحٌ جنوني، لا يتطلب سوى ردٍّ واحد هو إسقاطه".
  • إيمانويل نحشون، الرئيس السابق لمديرية الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، أن نتنياهو يُسوّق فشله على أنه نوعٌ من "القدر"، ويطلب من الاسرائيليين مرافقته في رحلته للجحيم التي يُخطط لها للدولة وسكانها.
  • المستشار الاستراتيجي آفي بنياهو، المتحدث العسكري الأسبق باسم الجيش، قال إن "نتنياهو، بأفعاله وإغفالاته وتصريحاته المُضللة، يُجرّ إسرائيل لهاوية لم تصل إليها قط، ويجعل الدولة ثكلى، منقسمة في الداخل، ومصابة بالجذام في العالم، خطابه يُذكّرنا بمركبة فضائية انفصلت عن قاعدتها الأم". 
  • ألون ليئيل، السفير والدبلوماسي، والمدير العام السابق لوزارة الخارجية، أكد أن أكثر ما يجب أن يُخيف إسرائيل من العزلة المتصاعدة هو إقدام الدول على إعادة سفرائها للتشاور، أو إغلاق سفاراتها في تل أبيب، مما يعني مُفاقمة العلاقات مع أوروبا، ويزيد من تعقيد وضعها، وسيكون من السهل على الدول فرض عقوبات عليها، وفقا لما نقله سابير كامري، مراسل القناة العاشرة. 
  • فيما حذر منتدى "أحرار في أرضنا"، أن "رئيس الوزراء يُقرّ بصوته بأن تكلفة المعيشة علينا جميعًا سترتفع، فإن هذا ليس قضاءً وقدرًا، بل نتيجة سياسةٍ يقودها، ولم يسبق لإسرائيل أن شهدت رئيس وزراءٍ فاشلًا كهذا"، فقد أصدرت هيئة الاحتجاج من أجل الديمقراطية، بيانا جاء فيه، أن إسرائيل تتغير من دولة يهودية إلى ديكتاتورية متعصبة، والعزلة نتيجة مباشرة لسياسة الحكومة، وليست قضاءً مقضيًا". 

النتائج الاقتصادية للعزلة السياسية تبدأ ولا تنتهي

إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، اعتبر أن تصريحات نتنياهو تفتقر لأي محاولة لشرح مسؤولية حكومته بوصول الدولة لهذا الوضع المزري، واضعا يده على بعض النتائج المباشرة والعواقب المحتملة لعزلتها عن العالم، صحيح أن دخولها فيها بات حقيقة واقعة، لكن ما تحدث عنه نتنياهو لا يقتصر على المجال السياسي، بل ينتشر كالنار في الهشيم في العديد من المجالات الأخرى: الاقتصاد، والثقافة، والعلوم، والمجال الأكاديمي، والرياضة، والسياحة، وغيرها الكثير.

وأضاف أنه في السنوات القادمة، حتى بعد انتهاء حرب غزة، سيحاول الكثيرون في العالم محو أو إلغاء اسم إسرائيل، بسبب معارضتهم لأفعالها في غزة، وخوف الكثيرين من الظهور كمن يروّج لها، لأنها أصبحت "علامة تجارية سامّة" في الأشهر الأخيرة، كما ينبع هذا الخوف لدى الرأي العام العالمي الذي لا يريد رؤيتها جزءًا من العالم الغربي المستنير.

نيتسان ستروخلر، مراسل صحيفة إسرائيل اليوم في أوروبا، أكد أن من نتائج العزلة، انخفاض المنافسة في صناعة الطيران، وتقليص مسارات الرحلات الجوية، وزيادة كبيرة بأسعار التذاكر، وسيؤثر فقدان هذا الإنجاز على كل منزل إسرائيلي، كما تصل العواقب الوخيمة للإعفاءات الجمركية، والتعاون العلمي والتكنولوجي، وحتى سياسة التأشيرات، وكلٌّ منها سيُلحق ضررًا مباشرًا بالاقتصاد الإسرائيلي، وعلاقاته مع الشركات العالمية، وقدرته على الوصول لأسواقها، وستكون تداعياته على الجمهور ملموسة للغاية من أسعار تذاكر الطيران، وتكاليف استيراد السلع، والاستثمارات في الصناعات العسكرية المحلية، والنتيجة النهائية مزيد من الانكماش والعزلة.

أوساط يهود الشتات اعتبرت أن "تصريح نتنياهو عن العزلة السياسية لم يأتِ بجديد على صعيدهم، فقد أصبحوا مُصابين بالجذام، حتى منتجاتهم التي كانت تُباع في السوبرماركتات المحلية حول العالم اختفت من رفوفها، وليس مؤكدا أنها ستعود، وبدأت الفرق الرياضية الإسرائيلية بإزالة العلم من البطولات الدولية، وباتت المشاركة في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) موضع تساؤل، وعندما يُسألون من أين نحن يذكرون اسم بلد بعيد، وكل ذلك بسبب إدارة الحكومة الفاشلة، حيث لا تكتيك ولا استراتيجية"، وفقا لما ذكره عومري غالبرين الكاتب بصحيفة معاريف.

أضرار العزلة الإسرائيلية

تال كاسبين الكاتبة في موقع دافار الاقتصادي، ذكرت عيّنة من العواقب المحتملة لعزلة الإسرائيليين عالمياً، ومنها: 

  1. حرمانهم من الإعفاء الذي يتمتعون به اليوم من تأشيرات دخول العديد من دول العالم، لأن تدهور العلاقات الإسرائيلية معها قد يؤدي لإلغاء اتفاقيات إعفائهم من هذه التأشيرات، وقد تبرر خطوتها بالرغبة بالتحقق من عدم تورط طالبي التأشيرة في "إبادة جماعية" أو "جرائم" أخرى في غزة.
  2. ماتان خودوروف مراسل القناة 13، حذر من فرض دول في أمريكا الجنوبية، الوجهة المرغوبة للإسرائيليين بعد التسريح من الخدمة العسكرية، قيودًا على دخولهم، لأن هناك جنود كُشفت أسماؤهم وماضيهم العسكري على وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفعهم لمغادرة البلدان التي زاروها سرًا خشية اعتقالهم. 
  3. تقليص المنح الدراسية المُخصصة للباحثين والمؤسسات الإسرائيلية في إسرائيل، الذين باتوا يلاحظون صعوبة يواجهونها في التعاون مع المؤسسات الأكاديمية حول العالم، وقد تتفاقم المقاطعة الصامتة، التي لا تُجاب فيها طلباتهم، ولا يُدعون للفعاليات الأكاديمية.
  4. في مجال الثقافة، تبدو إسرائيل متورطة بالفعل في المقاطعة الثقافية، فقد وقّع أربعة آلاف مخرج سينمائي عريضة تعارض أي تعاون معها، ولا تُدعى فِرقُها الموسيقية والفنانون للمهرجانات الدولية، ويشهد القطاع الثقافي مقاطعة أكثر خطورة، ولا يأتي الفنانون الأجانب لإسرائيل، ويوقع عدد متزايد من الشخصيات الثقافية على عرائض ضدها، ويتحدثون ضدها.
  5. أما السياحة، فقد تراجعت إسرائيل عن كونها وجهة سياحية جذابة للجماهير الأوروبية وغيرها عما كان قبل الحرب، وكلما طال أمدها، ازدادت تهميشًا في أذهان السياح المحتملين حول العالم. 
  6. ألكسندرا لوكاش، مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت، توقع أن تتضرر الصادرات الإسرائيلية، وأن تختفي منتجاتها من رفوف سلاسل التسويق العالمية بسبب مقاطعة المستهلكين، حيث اختفت سلعة المانجو من رفوف بعض الدول الأوروبية، مما أثر بشدة على منتجيها الإسرائيليين، وقد تتوقف الدول عن تصدير المواد الخام لها، كما فعلت تركيا، مما سيؤثر سلبًا على جيوبهم. 
  7. في مجال الرياضة، هناك محاولات لمنع الفرق الإسرائيلية من المشاركة في البطولات الدولية، وقد تكون الاحتجاجات غير المسبوقة في إسبانيا ضد مشاركة فريق "إسرائيل بريميير تك" للدراجات، مجرد مقدمة لما هو قادم، وقد تصل الذروة لطردها من الألعاب الأولمبية، كما طُردت روسيا. 
  8. مسابقة "يوروفيجن" الغنائية الأوروبية، ومسألة مشاركة إسرائيل من عدمها، فمن غير المتوقع أن يتخلى اتحاد البث الأوروبي سريعًا عن دعم دول مثل هولندا وأيرلندا، اللتان أعلنتا مقاطعة المسابقة إن شاركت إسرائيل.
  9. ذكر مسؤول تنفيذي كبير يدير مصنعًا كبيرًا للأغذية، أخفى هويته، أن "كلمات نتنياهو حدثٌ فارق، لأن مُصنّعي الأغذية الإسرائيليين يشترون المواد الخام من الخارج بما يزيد عن 5 مليارات دولار، القمح والسكر والزيت والخميرة والمضافات الغذائية، جميعها من الخارج، وإذا تحدثنا عن اقتصادٍ مكتفٍ ذاتيًا، فلن يكون ما يُطعم الدجاج والأبقار، لأن طعامهم يتم استيراده". 
  10. يوئيل إستيرون الكاتب في صحيفة كالكاليست، نقل عن المجلس الوطني للبحث والتطوير، أن 54٪ من ميزانياته ممولة من قبل كيانات خارج إسرائيل، وهذا معدل استثنائي واعتماد خطير على رأس المال الأجنبي، وبدونه، سيجفّ الابتكار الإسرائيلي، مما يجعل من المفردات التي استخدمها نتنياهو مثل الاكتفاء الذاتي ونموذج أسبرطة خطوةً غير مسؤولة، لأن عواقبها الاقتصادية وخيمة، وأول ما سيُشعر به الارتفاع الحادٌّ في تكلفة المعيشة، والقضاء على جزءٍ كبيرٍ من المنافسة، وارتفاعٍ هائلٍ في الأسعار.

كما ستسفر هذه السياسة عن هجرة العقول ورؤوس الأموال، وسيختارون الانتقال لدول ذات اقتصادات منفتحة وعاقلة، آخذين معهم مواهبهم ومدفوعاتهم الضريبية، وستضرب الطبقات الأضعف أولاً وبشدة، حيث ستتآكل قوتهم الشرائية حتى النخاع، وفي ذات الوقت حاجة الدولة لفرض ضرائب إضافية عليهم.

  1. روعي شاينمان الكاتب في منصة آي سي إيه، ذكر أنه بينما لا تزال العزلة الاقتصادية آخذة في الظهور، فإن الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية تواجه بالفعل صعوبات، ويشير الباحثون إلى انخفاض في التعاون، وتجاهل المؤسسات الرائدة في العالم، وإلغاء المنح البحثية.
  • المقاطعة التجارية، ووقف الصفقات، والتعامل مع إسرائيل كدولة مصابة بـ"الجذام"

غاد ليئور مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت، كشف أن ثمانين من كبار الاقتصاديين الاسرائيليين، بمن فيهم رؤساء جامعات ومدراء بوزارة المالية ورئيس المجلس الاقتصادي الوطني، وقّعوا على وثيقة يحذرون فيها من سياسات الحكومة التي تشكل تهديدا لقوة اسرائيل الاقتصادية، وخطرا حقيقياً على استقراره، بسبب العواقب الوخيمة للغاية لسياسة العزلة.

هذا تحذيرٌ جدّيٌّ من الخوف من كارثة اقتصادية لم تحدث بعد، لأن الوضع السياسي والأمني ​​الراهن في الدولة يزداد سوءًا، وسيُلحق أضرارًا جسيمة بالإسرائيليين، وستؤدي لنزوح جماعي منها، خاصةً الشباب ورأس المال البشري، وسيُلحق ضررًا بالغًا بمكانتها الدولية المتدهورة أصلًا، لأنها ستتعرض لفرض عقوبات اقتصادية من الدول الأوروبية، وأضرارا جسيمة بالعلاقات التجارية مع قطاعها الخاص، وسيضرّ بشدة بالتجارة معها، وهي الشريك التجاري الرئيسي لإسرائيل، وقد تنضم دول غربية أخرى للعقوبات.

وأكدت العريضة على أن هناك خطرا حقيقيا من أن تُسرّع هذه العزلة التي اعترف بها نتنياهو، بهجرة رأس المال البشري الإسرائيلي عالي الجودة، وانخفاض كبير في الناتج المحلي الإجمالي، ومستويات المعيشة، مما سيدفع الحكومة لرفع الضرائب، وتقليص الخدمات في مجالات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، وسيؤدي الجمع بين الزيادة الهائلة في الإنفاق، وتباطؤ النمو لزيادة كبيرة في ديون الدولة، وفي الوقت نفسه، لمزيد من خفض تصنيفها الائتماني، وزيادة علاوة المخاطر، وأسعار الفائدة، وسيُلحق هذا التدهور الضرر بالاستثمارات والنمو والناتج المحلي الإجمالي المتراجعة أصلاً، وفي النهاية إبعاد الدولة عن مجموعة الدول المتقدمة في العالم، وهو ما ذكرته ليئات رون مراسلة موقع ويللا.

وفيما توقع الحضور في مؤتمر المحاسبين العامين أن يستمعوا من نتنياهو لخطة اقتصادية لمواجهة العواقب الوخيمة للحرب المطولة في غزة، فإن صدمهم وهو يلقي خطاباً أشبه برثاء للاقتصاد الإسرائيلي، حيث تفاعلت أسواق المال فورًا مع هذه الدراما، لأنهم شاهدوا قائد الدولة يبلغهم أن الاقتصاد على وشك الانهيار، وفقا لما نقله عيران هيلدسهايم مراسل موقع زمان إسرائيل.

أورين دوري مراسل مجلة غلوبس الاقتصادية، أكد أن الكثيرين من العاملين في الاقتصاد أصيبوا بالذهول من تصريحات نتنياهو، حتى من تراكمت لديهم ساعات عمل طويلة معه، فركوا أعينهم، وتساءلوا عن معنى ما قال، بمن فيهم البروفيسور مانويل تراختنبرغ أحد أقطاب الاقتصاد الاسرائيلي، الذي أكد أن "قولًا كهذا في القرن الحادي والعشرين يُعادل القول بأننا سنعود للعصر الحجري"، فيما رأى أمير كاهانوفيتش، نائب الرئيس التنفيذي لشركة "بروفيت فاينانس"، أن "العزلة السياسية التي تعيشها إسرائيل ليست جديدة على الأسواق أو المستثمرين، بل مستمرة منذ حرب السابع من أكتوبر".

تزامنت تصريحات نتنياهو عن العزلة السياسية مع مؤتمر عقدته جامعة رايخمان حول محاربة "الإرهاب"، حيث أكد رئيسها البروفيسور بوعاز غانور، أنه رغم الإنجازات العسكرية للعامين الأخيرين، لكن على الصعيد السياسي الدولي، تعاني إسرائيل من هزيمة نكراء، وأعداؤها الساعين لتدميرها منذ تأسيسها، ويعملون باستمرار على نشر الرواية المعادية لها، اكتسبوا دعماً على خلفية تصريحات وخطوات الحكومة، بحيث انتشرت كراهيتها في جميع أنحاء العالم كالنار في الهشيم، لأنها توفر وقودًا لكارهيها، وتسمح لهم بهزيمتها على الساحة الدولية، مما يضرّ بشدة بمصالحها الوجودية، وهو ما ذكره فيلد أربيلي مراسل صحيفة معاريف.

أما سيفر بلوتسكر الخبير الاقتصادي الأشهر في إسرائيل، فأكد في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، فأكد أن تصريح نتنياهو يعني اعترافاً منه بقيادة الدولة نحو الهاوية والاستبداد، لأن الكارثة الاقتصادية التي يبشر بها ستؤثر على جميع مناحي حياة الاسرائيليين، وستعزلهم عن العالم، ومعاني ذلك واضحة، وتتمثل بارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة، وانهيار فيها، وأضرار جسيمة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة.

أما على الصعيد الخارجي، فأشار أن سياسة نتنياهو تقود الدولة مباشرةً لوضع مأساوي لشعب يعيش وحيدًا معزولا عن العالم الغربي المُتقدّم، ولا ترغب الشعوب الأخرى بالتقرّب منه، أو الإقامة معه، أو استضافته، ناهيك عن رغبتها بالتجارة معه، وقد بات يُنظر لإسرائيل بشكل متزايد على أنها دولة مُفترسة ومتغطرسة، مهووسة بالانتقام، وتتذمّر من الرأي العام الدولي، وفي الوقت ذاته دولةٌ مُنهكةٌ، لا تُجدي نفعًا، ولا تُناسب إقامة علاقاتٍ اقتصاديةٍ معها. 

يوفال ساد المحرر في القناة 12، ذكر أن اقتصاد الاكتفاء الذاتي، كما وصفه نتنياهو، يُنتج كل شيء بنفسه، من ألواح الشوكولاتة إلى الطائرات المقاتلة، ومن حفاظات الأطفال إلى الحواسيب العملاقة، مهما بلغت تكلفته، أو جودة إنتاجه، وفي اقتصادٍ كهذا، لا توجد منافسة، ولا انفتاح على الواردات الرخيصة، ولا مبدأ "ما يُفيد أوروبا يُفيد إسرائيل"، ولا استثمارٌ أجنبي، ولا مئات الآلاف من العمالة الماهرة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، ولا توجد مراكز بحثٍ وتطويرٍ أجنبية، ولا سوقٌ للعملات الأجنبية، ولا شركاتٌ ناشئةٌ تستهدف الشركات العالمية، ولا يوجد سوى احتكاراتٍ محليةٍ، وتكلفة معيشةٍ باهظة، وتخلفٍ تكنولوجيٍّ عميق، وهجرةٍ جماعيةٍ للعقول.

البورصة مصدومة

إيتان غيرستنفيلد الكاتب بمجلة غلوبس الاقتصادية، ذكر أن العزلة التي يقودنا إليها نتنياهو وحكومته، ستسفر عن انخفاض ​​مستوى المعيشة بمقدار الثلث على الأقل عما هو عليه اليوم، ويتضاعف مستوى الفقر، ويتفشى التضخّم، وترجيح بأن تسيطر الحكومة تمامًا على معظم الاقتصاد، "من خلال إطفاء أنواره مقابل إشعال شعلة النصر المزعوم على أنقاض غزة المدمّرة"،  وهذا هو عين الجنون والخطر الوجودي. 

مع العلم أنه بالتزامن مع خطاب نتنياهو الصادم، فقد ألغت إسبانيا صفقة ضخمة مع الصناعات العسكرية الاسرائيلية كان يفترض أن تشتري بموجبها أنظمة مدفعية دقيقة بقيمة 700 مليون يورو، بعد تعليقها لصفقة سابقة بقيمة مليار شيكل تقريبًا لشراء صواريخ سبايك المضادة للدبابات، وهو ما كشفه يوفال أزولاي، الخبير الاقتصادي في صحيفة كالكاليست.

كما قررت بريطانيا فرض عقوبة على إسرائيل، برفضها السماح لضباطها بالدراسة في الكلية الملكية للدراسات الأمنية في لندن، وهي إحدى أعرق أكاديمياتها العسكرية، بعد أن علقت 30 من أصل 350 رخصة تصدير أسلحة لإسرائيل، ومنع ممثليها من حضور أكبر معرض أسلحة، مما دفع الجنرال غاي تسور، القائد السابق للقوات البرية، وخريج الكلية الملكية البريطانية، لاعتبار هذه الخطوة استمرارا لتدهور شرعية إسرائيل يومًا بعد يوم، واليوم  تكاد تفقد شرعيتها، وهو ما أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت.

آدم ميخالاشفيلي المراسل الاقتصادي للقناة 14، كشف أن بورصة تل أبيب تأثرت سلباً بخطاب نتنياهو، وافتتحت تداولاتها على انخفاضات حادة وصلت إلى 2.5%، بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار واليورو مقابل ضعف الشيكل، مما أكد وجود حالة من الاضطراب النسبي في الأسواق، مما دفع يوسي فريمان، الرئيس التنفيذي لشركة فريكو لإدارة المخاطر والتمويل والاستثمارات، للتأكيد على أن تصريحات نتنياهو تركت أضرارها على الاقتصاد من سياسة المقاطعة المُطبقة ضده عالميًا إلى ارتفاع قيمة الدولار مقابل الشيكل، وقد تُشير تصريحاته لاحتمال انخفاض قيمته، وهو مستوى مُتوقع بالفعل، مما يزيد من فترة عدم اليقين الاقتصادي والمالي.

موقع ويللا أكد أن السوق الاسرائيلي تفاعل بتوترٍ مع خطاب نتنياهو، ومخاوفه من العزلة السياسية، وسط حديث عن ارتفاع التضخم، بما يُثقل كاهل سوق رأس المال، حيث سجلت مؤشرات قطاعي التأمين والبناء انخفاضا بأكثر من 3%، وسندات طويلة الأجل تضعف، والمستثمرون يلجأون للدولار، وتراجع مؤشر البنوك بنحو 2%، مما يشير إلى قلق السوق من استمرار حالة عدم اليقين في الساحتين السياسية والاقتصادية.

رئيس جمعية المصنّعين، رون تومار، أكد أن نتنياهو صرّح بما  نشعر به، ونحذر منه، لقد تضررت سمعة إسرائيل في الإبداع والطلب والنجاح بشكل كبير في العالم، والاقتصاد المكتفي ذاتيًا سيكون كارثة على اقتصادها، وسيؤثر على جودة حياة الجميع، والتخلي عن الصادرات يعني التخلي عن مستقبل الدولة، وفقا لما نقلته عنه صحيفة معاريف.

إسرائيل تتحول إلى العالم الثالث

تسيلي غرينبرغ مراسلة موقع ويللا للشئون الاقتصادية، نقلت آراءً متشائمة في الأوساط المالية، التي رأت أن القيود المفروضة على قطاعات اقتصادية اسرائيلية في الخارج بداية لعملية محتملة أوسع نطاقًا، وفي إطارها ستعزل إسرائيل نفسها اقتصاديًا في مجالات أخرى، كما أقدمت عليه تركيا بالتقليل من التجارة معها، وقلّص حجمها، كمقدمة لمحاولات تشويه سمعة إسرائيل، مما يجعل من تصريح نتنياهو خطيرا ووهميّا، لأن مجتمعها الذي اعتاد على "الحياة الرغيدة" لن يسمح لنفسه بالتحول بين عشية وضحاها لمجتمع إسبارطي.

مع العلم أن تصريح نتنياهو لا يبدو منفصلا عن الواقع فحسب، بل خطير أيضًا، لأن إسرائيل الصغيرة، التي لا تملك نفطًا ولا مليارات، لا تستطيع الحفاظ على صناعة عسكرية حديثة دون مساعدات وصادرات ومشتريات من الخارج، ولأنها تعتمد على العالم، فلا تملك القدرة على تمويل تطوير وإنتاج أنظمة أسلحة متطورة، بل ستكون وصفة للانهيار الاقتصادي، وفقدان الجيش لتفوّقه النوعي، وفقا لما ذكره أودي عتصيون الكاتب في موقع ويللا.

وقد جدد منتدى الأعمال واتحاد غرف التجارة واتحاد الصناعيين، الذي يضم 200 رئيس شركة، دعوته لنتنياهو لتجنب جرّ إسرائيل نحو اقتصاد مغلق، لأن سياسته تقودها إلى ركود اقتصادي وسياسي خطير وغير مسبوق، ونظرية إسبارطة ستُصعّب عليها البقاء في عالمٍ نامٍ، وإلا فإنها تسير بثقة نحو هاوية سياسية واقتصادية واجتماعية تُعرّض وجودها للخطر، وهو ما يجب أن يتوقف، وهو ما نقله ليئور باكالو مراسل القناة 12 للشئون الاقتصادية.

رفيف دروكر الصحفي الاستقصائي في القناة 13، نقل عن رئيس اتحاد غرف التجارة، شاهار ترجمان، انتقاده لتصريح نتنياهو، مشيرا أنه "يُظهر واقعًا خطيرًا يتمثل باقتصاد قائم على الاكتفاء الذاتي، وهو سيناريو كابوسي يعود للعصور الوسطى، ويكمن الخطر الرئيسي في كلماته في أنها نبوءة محققة لذاتها، والويل لنا إن كانت هذه رؤيته"، فيما حذر منتدى التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل، الذي يضم عشرات الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا الفائقة وصناديق رأس المال الاستثماري، من انزلاق إسرائيل نفسها نحو واقع خطير من العزلة، وفقدان القدرة التنافسية.

يتوافق الإسرائيليون في أن "خطاب نتنياهو يعني ازدياد أحوالهم نحو العزلة سوءًا، بسبب الجنون العام للحكومة غير الشرعية، من خلال مؤشرات التصنيف الائتماني، وارتفاع مؤشر الفساد والأسعار، والاستثمارات التي لا تصل البنية التحتية، ومعدلات التوظيف التي لا تتعافى، وقطع العلاقات الأكاديمية والثقافية والاقتصادية مع الدول الحليفة، وتحذيرات الخبراء، مع أن كل هذه الأمور كُتبت في آلاف الأعمدة الصحفية، والتحقيقات، والمقالات، والتقارير الإخبارية، وبدلا من الأخذ بها فقد وصفت الحكومة من كتبها بـ"المُصابين بالهستيريا"، واليوم تنهار الدولة بسبب السلوك المتهور لرئيس الوزراء وحكومته، المليئة بالمجرمين والمسيحانيين والحريديم، حكومة حذّرنا منها بسبب تركيبتها السامة"، وفقاً لأوصاف ذكرها أوريئيل داسكال خبير الشئون الاقتصادية بموقع ويللا.

الخسائر الاقتصادية تطال جميع جيوب الإسرائيليين

يهودا شاروني، مراسل موقع ويللا، اعتبر أن "خطاب نتنياهو يعني تحول إسرائيل إلى دولة من "حاملي الماء وجامعي الحطب"، بعد أن أنهكها بضربة واحدة، واليوم فإن وضعها صعب، وإذا لم يُتخذ أي إجراء، فإنها في طريقها إلى كوريا الشمالية، من حيث العزلة الدولية، ولن نعيش أبدًا على سيوفنا بسببه، ولن نُصبح إسبرطة بسبب رؤاه التي تُحوّلنا دولة فاشلة، لأن تصريحه يُثبت فشل سياسته أكثر من أي شيء آخر".

أما أريئيل كهانا، محرر الشئون السياسية بصحيفة إسرائيل اليوم، فاعتبر خطاب نتنياهو تنبؤًا مُرعبًا لمستقبل إسرائيل السياسي والاقتصادي، وهو ما حذّر منه خصومه السياسيون لسنوات عديدة، لأن عندما يتنبأ رئيس دولة بعزلة اقتصادية لها، فقد تُصبح كلماته نبوءة تُحقق ذاتها.

بن كسبيت صاحب العمود الصحفي الأكثر خصومة مع نتنياهو، ذكر في مقاله بصحيفة معاريف، أن "تصريح الأخير استثنائي في تهوره وسخافته وجنونه، لأنه فقد رباطة جأشه، واتزانه، وارتباطه بالواقع تمامًا، واستمراره في قيادة سفينة "تايتانيك" يُشكل خطرًا على أرواح الاسرائيليين، الذين تقودهم عصابة المتوحشين الجامحين، والنتيجة أن نتنياهو ذاته مقتنع بأن إسرائيل تتحول دولة مُنهكة هذه الأيام، وتفقد شرعيتها، وتصبح منبوذة بسبب حكومةً قوميةً مسيحانيةً متطرفةً، ووزراء أكثر تطرفًا وجموحًا، واليوم حين يبشر الإسرائيليين بنموذج إسبرطة، فهو يتناسى أن هذه الدولة انقرضت، ضاعت واختفت، ولم تعد موجودة اليوم".

كما أن الاكتفاء الذاتي في دعوة نتنياهو  لا يتماشى مع الواقع، لأن إسرائيل تعتمد هيكليًا على التجارة الخارجية، وتُعدّ نسبة صادراتها للناتج المحلي الإجمالي من أعلى نسب العالم بين 30-40%، وفي التكنولوجيا المتقدمة تكون النسبة أعلى بكثير، وبدون التجارة الخارجية، لما بقيت صناعات بأكملها، مثل التكنولوجيا المتقدمة والسلاح والكيماويات والأدوية، مع أن الأمر لا يقتصر على الصادرات فحسب، بل يشمل أيضًا الواردات.

وتستورد إسرائيل جميع المواد الخام، والطاقة، والمكونات الإلكترونية، وجزءً كبيرًا من غذائها، والتقشف الذي يدعو اليه نتنياهو يعني نقصًا فوريًا في المعروض، وزيادة كبيرة في تكلفة المنتجات والمواد الخام، وخسارة في الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاضًا في مستويات المعيشة، وتضخمًا، وإضعاف ثقة المستثمرين، وإهدار رؤوس الأموال، والإضرار بالإنتاجية والابتكار، وهو ما أكده أدريان بايلوت المحرر الاقتصادي في صحيفة كالكاليست.

هجوم افتراضي على نتنياهو

أجرى "عربي بوست" جولة واسعة على منصة إكس، للاستماع الى ردود الفعل الاسرائيلية على خطاب نتنياهو، واختار عينة عشوائية من التغريدات على النحو التالي: 

  • ناداف إيال محرر الشئون الدولية في صحيفة يديعوت أحرونوت، "اعتبر حديث نتنياهو استفزازياً، وسيدفع ثمنًا سياسيًا بسببه".
  • عيران شيكوريل مراسل القضايا الدولية في الإذاعة الاسرائيلية، أكد أن "نتنياهو الذي لا يستطيع زيارة معظم الدول الديمقراطية، أو التحليق فوقها بأمان، ليس لديه ما يخسره، لكنه لا يكترث بأن الاسرائيليين سيشعرون هم أيضًا بهذا الحصار، وهم لن يتسامحوا مع أن تصبح دولتهم منغلقة وجذامية". 
  • الصحفي باريئيل بيليغ، ذكر أن "نتنياهو يريد أن نصبح أسبارطة عظمى، مكانًا يُرسل فيه الشباب في سن الثامنة عشرة إلى حتفهم، حيث يُقتل الضعفاء في المجتمع، هذا الرجل يقودنا للهاوية، لنصبح جنوب إفريقيا المصابة بالجذام، وأنا لا أريد أن أكون هناك".
  • الفنان أفيناداف بيغين، أكد أن "البيان "الفاشي المضطرب" عن إسبرطة كشف حقيقة الأمر، لأنه ليس كلامًا عرضيًا، ولا يتعلق بالعزلة، أو بقضية اقتصادية، إنها حالة ذهنية، هذا الهوس البغيض بإسرائيل سيُرمى في الجحيم، من جميع المستويات، يا للعار"!

جيسيكا تاباروفسكي، الناشطة اليسارية، أكدت أن "نتنياهو "المجنون" عليه أن يرحل بسرعة، لأنه يُصوّر العزلة الاقتصادية والسياسية كإنجاز، وبلهجة متبجّحة يقول إننا "سنصبح إسبرطة عظمى"، كما لو كان أمرًا جيدًا، إنجازا، نجاحا فائقاً".